الصياد والعروس المفقودة
المشهد الأول: مدينة الضباب والأسطورة
في قلب الشمال المغربي، حيث تلتقي الأرض بالبحر في عناقٍ أزلي، كانت هناك مدينةٌ تُدعى طنجة، مدينة يكسوها الضباب كوشاحٍ غامض، ويُقال إن البحر نفسه يهمس بأسرارها لمن يُحسن الاستماع. بين أزقتها الضيقة، تناقل الناس حكايةً عجيبة عن "عروس البحر"، لم يكن أحد يعرف إن كانت حقيقةً أم مجرد أسطورة، لكن الألسن لم تكفَّ عن سردها.
المشهد الثاني: لقاء أيوب وعروس البحر
في زمنٍ بعيد، عاش صيادٌ يُدعى أيوب، رجلٌ وحيد أحب البحر كما يُحب العاشق معشوقته، وأمضى حياته يصارع أمواجه بحثًا عن رزقه. في إحدى الليالي، بينما كان يُلقي شباكه، رأى شيئًا يتحرك بين الأمواج، لم يكن سمكةً، ولم يكن طيفًا عابرًا، بل كانت امرأةً جميلة ذات شعرٍ فضي يتلألأ تحت ضوء القمر. كانت عيناها تحملان حزنًا عميقًا، كأنها تحمل ذاكرة البحر ذاته.
المشهد الثالث: سر البحر والنداء الغامض
اقترب منها، فتحدثت إليه بصوتٍ يشبه المدّ والجزر: "يا أيوب، لقد كنتُ يومًا بشرًا، لكن البحر ابتلعني في ليلةٍ عاصفة، ومنذ ذلك الحين، لم أعد أنتمي للعالمين؛ لا البر يحتويني ولا البحر يُحررني". شعر أيوب بأن قلبه ينبض بطريقةٍ لم يعهدها من قبل، وكأنه يسمع لحنًا قديماً، لحن الفقد والاشتياق. أراد أن ينقذها، لكنه لم يكن يعرف كيف.
المشهد الرابع: بداية التعلق
في تلك الليلة، عاد أيوب إلى منزله، لكنه لم يستطع النوم، فكان وجه الفتاة يطارده في يقظته وأحلامه. في الليلة التالية، عاد إلى نفس المكان، فوجدها هناك، تنتظره وكأن الزمن قد توقف عندها. بدأ يزورها كل ليلة، يتحدثان عن البحر، عن الوحدة، عن الحياة التي تُشبه الموج، ترفع الإنسان تارةً، ثم تُسقطه بلا رحمة.
المشهد الخامس: المصير المحتوم
لكن البحر كان له رأيٌ آخر. في ليلةٍ مشؤومة، حين اشتدت العواصف وكشَّر المحيط عن أنيابه، رأى أيوب محبوبته تُجرف نحو الأعماق. قفز خلفها بلا تردد، كأنه كان يعلم أن مصيره مرتبطٌ بها. شعر بجسده يُسحب نحو الظلام، وقبل أن يختفي، سمع همسها الأخير: "لا تبحث عن ما لا يمكن إنقاذه، فإن البحر لا يُعيد من يأخذه".
المشهد السادس: اختفاء أيوب والأسطورة الحية
مع طلوع الفجر، لم يُعثر على أيوب ولا على زورقه، فقط موجةٌ عظيمة ضربت شاطئ طنجة، ومنذ ذلك الحين، صار الناس يعتقدون أن البحر قد ضمه إلى عالمه، وصار يُقال إن من يستمع إلى هدير الأمواج عند منتصف الليل قد يسمع صوت عاشقين يتحاوران بين المد والجزر.
المشهد السابع: المغامر الجديد
بعد أعوامٍ طويلة، جاء شاب يُدعى يونس، كان مغامرًا يحب استكشاف المجهول. سمع بقصة أيوب وعروس البحر، وشعر أن هناك سرًا لم يُكشف بعد. في إحدى الليالي، وقف عند الشاطئ، يُنصت لهدير الأمواج، فإذا بصوتٍ غامض يهمس له: "لا تبحث عن ما لا يمكن رؤيته إلا بالقلب".
المشهد الثامن: اللقاء الغامض
في تلك اللحظة، لاح له طيف وسط المياه، لم يكن متأكدًا مما يرى، لكنه شعر برعشةٍ تسري في جسده. أكان ذلك أيوب؟ أم أنها أسطورة أخرى تكتب نفسها في ذاكرة البحر؟ لم يكن يعلم، لكنه قرر أن يروي قصته لمن بعده، حتى لا تضيع الحكاية بين صفحات النسيان.