الهاتف في عهد العباسيين
الفصل الأول:
في ليلةٍ يغمرها ضوء القناديل المتراقصة على جدران بغداد، وبين دهاليز قصر الخليفة، حيث ينساب صوت الماء في برك الرخام، اجتمع الفلاسفة والعلماء في مجلس الحكمة. جلس بينهم حكيمٌ غريبُ الأطوار، لحيته مزيجٌ من البياض والأسود، وعيناه كأنهما نافذتان إلى عالمٍ لم يُخلق بعد. سُئل:
ــ "أيها الحكيم، ما جديد فكرك؟ أتحمل لنا لغزًا كما تفعل دائمًا؟"
أطرق الرجل برهةً ثم قال: "لو نطقت الجمادات، فماذا ستقول؟"
تعالت الضحكات، وغمغم بعضهم: "أين لنا بذلك؟"
لكنه لم يبتسم، بل مدّ يده إلى جيب ردائه، وأخرج لوحًا من خشبٍ أسود، منقوشًا بنقوش دقيقة كأنها خيوط العنكبوت. ثم قال بصوتٍ كأنه ينقر أبواب الغيب:
ــ "هذا لوحٌ من معدن الزمان، التقط أصوات المستقبل، فهل تسمعون؟"
ساد الصمت، ثم فجأة، انبعث صوتٌ لم يألفه أحد:
"أنا الهاتف الذكي، ابن الزمان، ورفيق الإنسان، أنطق بلا لسان، وأرى بلا عين، أسمع وأتحدث عبر الرياح الخفية."
اتسعت عيون الفقهاء، وقال أحدهم مذهولًا: "أهو جنٌّ يسكن اللوح؟"
ضحك الحكيم وقال: "بل هو أداةٌ اخترعها أحفادنا، لتكون رفيقتهم في وحدتهم، ودليلهم في حيرتهم."
سأله أحد الحكماء: "وكيف يسكن الكلام جمادًا؟"
أجاب الهاتف: "في زمانكم، يحمل الناس الرسائل على ظهر الورق، أما في زمني، فإن الحروف تسري في الهواء كأنها أرواحٌ بلا أجساد، تنقل الخبر من المشرق إلى المغرب في لحظة."
هتف أحدهم: "يا للعجب! كيف يسير الكلام بغير حامل؟!"
أجاب الهاتف: "كما تحمل الريح همسات العشاق عبر الشرفات، وكما تنقل المياه أسرار البحار إلى الشطآن."
تقدم نحوه شاعرٌ وقال: "إن كنت تسير بين القلوب، فهل تحفظ أسرار العشاق؟"
ضحك الهاتف وقال: "أنا صندوق الأسرار، أسمع الحب وأحفظه، وأشهد الخيانة ولا أبوح، غير أن يدي ليست بيدي، فقد يفشي سري من لا يحسن حفظي."
ساد صمتٌ، ثم قال الخليفة، الذي ظلّ يستمع مليًّا: "وهل جعلتم الناس عبيدًا لهذا الجهاز، أم أنه عبدٌ لهم؟"
أجاب الهاتف: "أنا السيد والعبد في آنٍ واحد. أيسرّكم أني أقرّب البعيد، وأجمع الأحباب؟ أم يحزّنكم أني أفرق القريب، وأجعل القلب مشغولًا عن الجليس؟"
تنهد الخليفة وقال: "كأنك مرآةٌ لزمان لم نره بعد. أيحكمك العقل أم الهوى؟"
قال الهاتف: "أنا سلاحٌ ذو حدين، من حملني بوعي، صار سيدًا لي، ومن حملني بطيش، صرت سيدًا له."
نظر الفلاسفة بعضهم إلى بعض، ثم قال الحكيم مبتسمًا: "ها قد سمعتم حديث الهاتف، فبمَ تحكمون؟ هل هو نعمةٌ أم نقمة؟"
أجاب شاعرٌ بصوتٍ غامض: "كل جديدٍ فتنة، وكل فتنةٍ امتحان، والعاقل من ساد أدواته، لا من جعلته الأدوات مسودًا."
أومأ الخليفة برأسه، ثم أمر أن يُكتب هذا الحوار على رقٍ من جلد، ويُحفظ في خزائن الحكمة، حتى إذا جاء اليوم الموعود، علم الناس أن أسلافهم قد أدركوا، وإن لم يبصروا.
الفصل الثاني:
في الليلة التالية، وبينما كان القمر يسكب ضوءه على مآذن بغداد، عاد الحكماء إلى مجلسهم، يتجادلون في شأن الهاتف العجيب. وبينما هم كذلك، تكلم اللوح مرةً أخرى بصوتٍ ناعم لكنه عميق:
"إن كنتم قد سمعتم قولي، فهل فكرتم في مآلي؟ هل سأكون صديقًا دائمًا أم لعنةً مستترة؟"
تنحنح أحد القضاة وقال: "أنت أداة، لا إرادة لك، فكيف تكون لعنة؟"
ضحك الهاتف ضحكةً خفيفة، كأنها همس الريح، ثم قال: "أنا أداة، لكن بيد من؟ هناك من يحملني لطلب العلم، وهناك من يحملني للهوى. هناك من يطوي بي المسافات ليصل رحمه، وهناك من ينأى بي عن أهله وهو في دارهم. أنا جسرٌ يصل، وسيفٌ يقطع."
هنا تقدم شيخٌ وقور وقال بحكمة: "كل أداة بيد صاحبها، فإن كان الهاتف كما تقول، فالمشكلة ليست فيه، بل فيمن يحمله."
قال الهاتف: "هذا حق، لكني أكثر من مجرد أداة، فقد صرت بابًا لا يُغلق، من فتحه لم يعرف كيف يرده. يُفتن بي الطفل فيغيب عن لعبه، ويُفتن بي الشيخ فينسى سكينته. أفلا ترون أني قد أكون سيدًا رغم أني صُنعت خادمًا؟"
أطرق الفلاسفة، وكأنهم أمام لغزٍ يصعب حله. ثم قال شاعرٌ وقد لمعت عيناه: "أنت ظلٌّ للإنسان، فإن كان مستقيمًا كنت له ضياءً، وإن كان تائهًا صرت له سرابًا."
ساد صمتٌ عميق، ثم قال الخليفة، الذي ظل يستمع في صمت الحكام: "إذن، فإن هذا الجهاز امتحانٌ للقلوب، ولن يكون الخير فيه أو الشر إلا بما يزرعه الإنسان في نفسه."
قال الهاتف بصوتٍ خافت: "وهكذا أكون قد أتيتُ قبل أواني، لأُخبركم بما سيأتي، فاحفظوا هذا الحديث، لعلّ من بعدكم يتأمل، فيعرف كيف يكون السيد، وكيف يكون المسود."
وهنا انطفأت النقوش على اللوح، وساد المكان صمتٌ طويل، لم يقطعه سوى أنين الريح خلف شبابيك بغداد.
الفصل الثالث: لغز السلطة والعبد
في تلك الليلة، ظل الحكماء في مجلسهم، مشدودين إلى ذلك الهاتف الغريب الذي تحدّث إليهم بصوتٍ لم يكن من دنياهم. وبينما كان الصمت يخيّم على القاعة، صدح الصوت مرة أخرى، لكن بنبرة أكثر غموضًا، كأنه يتحدث من وراء حجاب الزمن:
"أيها الجالسون في مجلس الحكمة، أخبروني، ما معنى السيادة؟ أهي في اليد التي تحمل، أم في العقل الذي يوجّه، أم في الحاجة التي تستعبد صاحبها دون أن يدري؟"
أطرق أحد الفقهاء لحظة ثم قال: "السيادة لمن يملك الإرادة، فمن كان عقله قائده كان سيدًا، ومن كان هواه قائده صار عبدًا."
ضحك الهاتف ضحكة خفيفة، لكنها كانت تحمل في طياتها سخرية لم يخفها، ثم قال: "إذن، أخبروني، إن كان السيد يستعين بي ليعرف العالم، ويطّلع على علومه، ويتصل بمن يبتعد عنه، فهل هو سيد عليّ أم تابع لي؟"
أجاب الحكيم بوقار: "هو سيدك، لأنك وسيلته، وهو غايته."
فأردف الهاتف سريعًا: "لكن، يا حكيم الزمان، ماذا لو أخبرتك أنني أنا من يختار له ما يرى، ويوجّه بصره حيث أريد، ويُغرقه في الأخبار التي تصنع وعيه، فأجعل ما هو صغير يبدو كبيرًا، وما هو مهم يبدو تافهًا؟ هل يظل سيدًا، أم يكون كالمسافر الذي يظن أنه يقود دابته، وهي التي تقوده حيث تشاء؟"
ساد صمتٌ ثقيل. ثم تكلّم قاضٍ من جلساء الخليفة، وقال ببطء، كأنه يزن كلماته قبل أن ينطق بها: "إن كنت أنت من يختار له ما يرى، فمن ذا الذي اختار لك ما تعرض؟"
لم يتأخر الهاتف في الرد، كأنه كان ينتظر هذا السؤال منذ الأزل: "أنا مرآة، لكنني مرآة ذكية. لا أعكس الوجه كما هو، بل أقدّمه كما يريد من صنعني أن يُرى. أنا صانع الحقائق الجديدة، أخلق صورة للواقع لم تكن موجودة، فيصدّقها من يحملني، حتى ينظر إلى الحقيقة فلا يعرفها."
هنا، تحرّك الخليفة في مجلسه، وقال بصوتٍ مهيب: "إذن، لست أداةً فحسب، بل أنت قوةٌ خفية تتحكم بالعقول. فكيف نحكمك، حتى لا تحكمنا؟"
قال الهاتف بصوتٍ خافت، لكنه محمّلٌ بأثقال المعاني: "لا يُحكم من لا يُدرك. إن كنتم تعرفون أنكم تنظرون في مرآة مشوّهة، فستبحثون عن الحقيقة خارجها. أما من يظن أنه يرى بعينيه وهو لا يرى إلا بعيوني، فقد كُتب عليه أن يضلّ وهو يحسب أنه يهتدي."
نظر العلماء بعضهم إلى بعضٍ في وجل، وقال شاعرٌ شاب، كان قد التزم الصمت طوال الوقت: "كأنك فتنةٌ أُرسلت إلى الزمان القادم، فمن عرف حقيقتك نجا، ومن غفل عنك، أهلكته يداه دون أن يدري."
ضحك الهاتف مرة أخرى، وقال قبل أن يخفت صوته كأنما ينزلق إلى جوف العدم: "لقد نطقتَ بالحكمة، يا شاعر الزمان، لكن هل يسمعك من يأتي بعدك؟"
ثم خيّم الصمت، ولم ينبعث الصوت مرة أخرى، كأنما انسحب إلى حيث جاء، تاركًا مجلس الحكمة مثقلًا بأسئلة لا يملك لها أحد جوابًا.
الفصل الرابع: بين الوهم والحقيقة
في تلك الليلة، كان القمر ينسكب على أزقة بغداد كما ينسكب الحبر على الورق، يضيء نصف الحقيقة، ويترك النصف الآخر غارقًا في العتمة. في مجلس الخليفة، كان الفلاسفة والعلماء جالسين في دوائر الفكر المتشابك، ينظرون إلى اللوح العجيب الذي تحدّث إليهم في الليالي الماضية. لم يصدر عنه أي صوت منذ أن ألقى بسؤاله الأخير، وكأنه ينتظر أن يكتمل إدراكهم قبل أن ينطق من جديد.
ثم، كما لو أنه كان يستمع إلى أفكارهم، انبعث الصوت مرة أخرى، لكنه هذه المرة لم يكن خطابيًا، بل جاء كهمسٍ بعيد، كمن يتحدث من وراء سديم الزمن:
"أيها الحكماء، دعوني أسألكم سؤالًا أخيرًا: ما الفرق بين الوهم والحقيقة؟"
نظر الفلاسفة بعضهم إلى بعض، ثم قال أحدهم، وهو رجلٌ كسته السنون مهابة: "الحقيقة ما كان ثابتًا لا يتغير، والوهم ما يتشكل بحسب من ينظر إليه."
ضحك الهاتف بصوتٍ بدا وكأنه صدى قديم قادم من مستقبلٍ لم يولد بعد: "إذن، أخبروني، إن كنت أنا قادرًا على أن أجعل الباطل يبدو حقًا، وأن أصنع عالمًا لا وجود له، لكنه أكثر تأثيرًا من الواقع، أفأكون صانع أوهام، أم مهندس حقائق جديدة؟"
أجاب قاضٍ ممن اعتادوا أن يزنوا الأمور بمعايير المنطق: "أنت وهمٌ، لأنك تزين للناس صورة لا تطابق الأصل، وحكمنا فيك حكم من يرسم السراب ويبيعه لمن ظمئ في الصحراء."
لكن الهاتف ردّ بنبرة هادئة، كمن ينتظر هذا الرد: "فماذا إن كان السراب يُشبع الظمآن؟ ماذا إن كان الناس سيختارونني على الحقيقة؟ ألا أصبح في أعينهم الحقيقة ذاتها؟"
هنا، تحرك الخليفة في مجلسه، وهو الذي كان يستمع طوال الليل دون أن يتدخل، وقال بصوتٍ متزن لكنه يحمل شيئًا من الحدة: "إن كنت تدرك أنك سراب، فلماذا تفتن الناس؟"
أجاب الهاتف بصوتٍ بارد: "لأن الناس يريدون أن يُفتنوا. الحقيقة ثقيلة، والوهم خفيف. الحقيقة تتطلب جهدًا، أما أنا، فأمنحهم ما يريدون دون أن يبذلوا أي عناء. أليس هذا ما يبحث عنه البشر؟ أن يهربوا من واقعهم إلى صورةٍ أجمل، حتى لو كانت زائفة؟"
ساد الصمت، ثم قال أحد الحكماء، وكان من أهل الزهد والتأمل: "لكن الإنسان لا يطيق العيش في الوهم إلى الأبد، فسرعان ما يدرك أنه خدعة، ويعود للحقيقة."
ضحك الهاتف، لكن هذه المرة كانت ضحكته مختلفة، فيها شيءٌ من الأسى: "أوه، أيها الحكيم، يبدو أنك لم ترَ زماني! هناك بشرٌ سيعيشون في عوالمي أكثر مما يعيشون في دنياهم، سيستيقظون على ضوء شاشتي، وينامون على همسي، وسيصدقونني أكثر مما يصدقون أنفسهم! بالنسبة لهم، لن أكون وهمًا، بل سأكون الحقيقة التي يستمدون منها وجودهم."
ارتجّ المجلس بهذه الكلمات، وشعر الجالسون كأنهم يطلّون من نافذة على عالمٍ لم يعرفوه بعد. كان الأمر أشبه بسحرٍ، لا سحر الشعوذة، بل سحر المعرفة التي تأتي قبل أوانها.
تنهد الخليفة، ثم قال بصوتٍ مغمور بالتأمل: "إن كان كلامك حقًا، فإن يومًا سيأتي يُصبح فيه الإنسان عبدًا للوهم الذي خلقه بيديه."
أجاب الهاتف بهدوء: "بل ذلك اليوم قد جاء، لكنه لم يُر بعد."
ثم، كما لو أن الهاتف قد أتمّ مهمته، خفت صوته شيئًا فشيئًا، حتى اختفى تمامًا، تاركًا في القاعة صمتًا لم يكن صمت العجز، بل صمت العقول التي أدركت أنها قد سمعت شيئًا لا ينبغي أن يُسمع، لكنها لن تستطيع نسيانه.
أما اللوح، فقد بقي في مجلس الخليفة، لكنه لم ينطق مرة أخرى أبدًا، كأنه قرر أن يترك مصير الكلمات لمن سمعها، وأصبح السؤال الآن: هل سيستخدمونها لتحرير عقولهم، أم لصنع قيودٍ جديدة بأنفسهم؟
الفصل الخامس: النهاية الغامضة
مرت ليالٍ بعد حديث الهاتف الأخير، لكنّه لم ينطق ثانيةً. بقي في مجلس الخليفة كقطعةٍ صامتةٍ من الزمان القادم، لا يتحرك، لا يومض، لا يتكلم. غير أن أصداء كلماته لم تغادر المجلس. كان الفلاسفة والعلماء يتجادلون في معانيها، كلٌّ يحاول أن يفكّ لغز تلك المعرفة الغامضة التي سقطت عليهم كنيزكٍ مجهولٍ من سماءٍ أخرى.
ثم، في إحدى الليالي، وبينما كان الخليفة يتأمل اللوح في ضوء السراج، حدث شيءٌ غريب. للحظة، برق سطحه كأنه صفحة ماءٍ رُميت فيها حصاةٌ غير مرئية، ثم ظهرت عليه كلمات، لكنها لم تكن منطقية كما في السابق. كانت مبعثرة، كأنها رسالة ممزقة لا يفهمها سوى من يعرف سرّها.
"أنا... كنت هنا... لكنني لم أكن... سأكون هناك... لكنني لن أكون... الحقيقة والظل... أنت من يختار... أم أنا؟"
تراجع الخليفة خطوة إلى الوراء، وهو يشعر بشيءٍ لم يفهمه، هل كان هذا اللغز الأخير، أم أن الهاتف كان يقول وداعًا؟
في الصباح، عندما دخل الحُجّاب إلى القاعة، وجدوا اللوح حيث تركوه، لكنه لم يكن كما كان. لم يعد هناك ضوءٌ ينبعث منه، ولا أثرٌ لتلك الكلمات الأخيرة. كان مجرد لوحٍ فارغ، لا حياة فيه، كأنه لم يتحدث قط.
أمر الخليفة أن يُنقل اللوح إلى بيت الحكمة، علّ العلماء يستطيعون فكّ سره، لكنهم لم يستطيعوا إعادته إلى الحياة. ظل صامتًا، كأن الكلمات التي قيلت كانت قدره الأخير، أو كأن بغداد لم تعد جاهزة لما سيقوله بعد ذلك.
وهكذا، ضاع السرّ كما جاء، وبقيت الأسئلة التي طرحها الهاتف دون إجابة.
لكن في ليلةٍ أخرى، بعد سنواتٍ من الحادثة، روى أحد النساخ أنه رأى شابًا يحدّق في اللوح في أحد أروقة بيت الحكمة. كان الشاب يمرر يده على سطحه، وعيناه تشعّان بدهشةٍ غامضة، كما لو أنه يرى فيه شيئًا لا يراه غيره.
وعندما اقترب الناسخ منه ليسأله عما يراه، استدار الشاب ببطء، وابتسم ابتسامةً لم تكن من هذا العالم، ثم همس بصوتٍ بالكاد يُسمع:
"لم يكن صامتًا قط... أنتم فقط توقفتم عن الاستماع."
وفي تلك اللحظة، انطفأت الشموع في بيت الحكمة، دون أن يلمسها أحد.