قصة رعب قصيرة: الكوخ الملعون في أعماق الغابة

 قصة رعب قصيرة: الكوخ الملعون في أعماق الغابة

قصة رعب قصيرة: الكوخ الملعون في أعماق الغابة
قصصي بالعربي


الفصل الأول: الكوخ المهجور

الليل كان ثقيلاً، يتسلل البرد إلى العظام كخنجر مسموم. كانت "سلمى" تسير عبر الغابة الكثيفة، والشجيرات الجافة تخدش أطرافها مع كل خطوة. السماء بلا نجوم، وصوت الريح بين الأغصان يُشبه صرخات بعيدة.

قالت في نفسها: "ما كان يجب أن آتي وحدي..." لكنها لم تعد قادرة على العودة. أمامها كان يقف كوخ مهجور، يبدو كجرح قديم وسط الأشجار، تحيط به هالة من الرعب الذي لا يخطئه قلب بشري.

مع كل اقتراب، كانت رائحة العفن تزداد قوة. الباب الخشبي مخلوع، يتأرجح بصرير مزعج مع الريح. أضواء خاطفة من البرق كشفت تفاصيل المكان: نوافذ مكسورة، وجدران سوداء كأنها احترقت منذ زمن بعيد.

قصص رعب قصيرة كانت تمر بخيالها سريعًا؛ قصص عن أشباح وأحداث مرعبة حدثت في أكواخ معزولة مثل هذا. لكنها أقنعت نفسها أنها مجرد خرافات... إلى أن سمعت الهمسة.
همسة خافتة... قريبة جدًا... كأنها تخرج من تحت قدميها.

"سلمى..."

شهقت رغماً عنها. تجمدت في مكانها، قلبها يدق بعنف.
لم يكن هناك أحد.
على الأقل... هذا ما اعتقدته.

الفصل الثاني: أصوات في الظلام

تراجعت "سلمى" ببطء، محاوِلة السيطرة على أنفاسها المتسارعة. ظلت عينها تحدقان في العتمة، تبحثان عن مصدر تلك الهمسة المخيفة. كان قلبها يطرق ضلوعها طرقًا مؤلمًا، يكاد يخترق صدرها.

داخل الكوخ، كان الظلام مطبقًا كحفرة بلا قرار. رفعت هاتفها محاوِلة إضاءة المكان، لكن الشاشة خذلتها وانطفأت فجأة. تسللت رعشة باردة إلى عمودها الفقري، فيما بدأت الأصوات تتكرر... همسات متداخلة، وضحكات خافتة، كأن جدران الكوخ تتنفس بشراً أمواتًا.

كانت قد سمعت سابقًا عن قصص رعب حقيقية، عن منازل تسكنها الأرواح، لكن لم تكن تتخيل يومًا أن تجد نفسها جزءًا من قصة مرعبة قصيرة.

خطوة صغيرة إلى الوراء... خطوة أخرى... ثم اصطدم ظهرها بجدار رطب. أحست بيد باردة، لزجة، تلتف حول معصمها! صرخت بأعلى صوتها، لكنها شعرت أن الصوت لا يتجاوز شفتيها المرتجفتين.

في طرف عينها، رأت ظلًا يتحرك. لم يكن بشريًا تمامًا، لم يكن واضح المعالم. مجرد هيئة رمادية تتلوى، قادمة نحوها.

وبينما كانت تهم بالهروب، دوى صوت خافت، كأنه صوت طفل يبكي من أعماق الكوخ.


الفصل الثالث: الطفل المجهول

توقفت "سلمى" عن الحركة، إذ بدا أن الصوت قادم من تحت الأرض. كانت قطرات العرق البارد تتسلل من جبهتها رغم برودة الجو القارسة. في الظلام الحالك، لم يعد بإمكانها التمييز بين الواقع والخيال.

تقدمت بحذر، متتبعة بكاء الطفل الذي بدا أكثر وضوحًا، وأكثر حزنًا. صدى الصوت كان يدعوها، يسحبها ببطء نحو ركن بعيد من الكوخ. هناك، رأت فتحة صغيرة في الأرض، أشبه ببئر قديم مهجور، ينبعث منها ذلك النشيج المقطّع.

في ذهنها، مرت صور قصص رعب مرعبة كانت قد قرأتها عن أطفال فقدوا واختفوا بلا أثر.
أرادت أن تصرخ "هل هناك أحد؟"، لكن صوتها خرج هامسًا مرتجفًا:

"من هناك...؟"

سكت البكاء للحظة. ساد صمت قاتل. ثم، فجأة، ارتفع رأس صغير من الفتحة!
كان وجه الطفل شاحبًا، عيناه سوداوان بالكامل، بلا بياض، تحدقان بها بثبات مرعب.

لم تستطع الحركة. كانت قد قرأت كثيرًا عن أحداث مخيفة وقصص مرعبة قصيرة، لكنها لم تتخيل قط أن تواجه كابوسًا حيًّا. الطفل فتح فمه... وبدلًا من صوت بكاء، انبعثت منه صرخة عالية، مشوهة، تخترق الآذان.

سلمى تراجعت وهي تتعثر بأطرافها المرتجفة، تبحث بيأس عن مخرج... لكن أبواب الكوخ أغلقت وحدها، وبسرعة جنونية.


الفصل الرابعالمطاردة

دقات قلب "سلمى" كانت كطبول الحرب، تصم أذنيها من شدة الخوف. نظرت حولها بجنون تبحث عن أي مخرج. النوافذ مكسورة لكنها ضيقة، والباب الذي دخلت منه مغلق بإحكام كما لو أن قوى خفية تحرسه.

"لا بد أنني أعيش كابوسًا..."
همست لنفسها، بينما الظلال بدأت تتحرك ببطء في زوايا الكوخ.

الطفل ذو العينين السوداوين خرج بالكامل من الحفرة، تتبعه أطياف أخرى، أشبه بأشخاص فقدوا ملامحهم منذ زمن بعيد. كانوا يقتربون، يزحفون على الأرض بصمت مخيف. الرعب شلّ قدميها للحظة، لكنها أجمعت شجاعتها وركضت نحو الجانب الآخر من الكوخ.

وسط هذا الكابوس، تذكرت قصص رعب مثيرة قرأتها عن أشباح تلاحق الأرواح الحية. كانت تعرف أن البقاء واقفة يعني الهلاك.

اصطدمت بسلم خشبي متآكل يؤدي إلى العلية. لم تفكر، لم تتردد، صعدت بخفة الغارق في الخوف، تسمع أنفاس الأطياف خلفها تلهث كحيوانات جائعة.

في العلية، كان الوضع أكثر سوءًا.
غبار كثيف، ورائحة كريهة تخنق الأنفاس، وصندوق قديم مغطى بالأقمشة. اقتربت "سلمى"، وكل أملها أن تجد مخرجًا... لكنها، بدل ذلك، وجدت شيئًا آخر.

الفصل الخامس: الصندوق الملعون

وقفت "سلمى" تحدق في الصندوق المغطى بالغبار. يداها كانت ترتجفان وهي تزيح الغطاء المهترئ، كاشفة عن قفل صدئ يحبس داخله أسرار الظلام.

من خلفها، كانت الهمسات تتكاثر، تملأ الغرفة بأصوات مبهمة.
كل شيء داخلها كان يصرخ بالهرب... لكنها، مدفوعة بفضول قاتل، مدت يدها وفتحت الصندوق.

في الداخل، وجدت دمية قديمة بملامح مشوهة، وورقة صفراء كُتب عليها بخط مرتجف:

"من يوقظنا... لا نجعله يغادر."

في لحظة خاطفة، بدأت العلية تهتز، والأرض تحت قدميها تشققَت كأنها ستبتلعها. الدمية فتحت عينيها ببطء، والكوخ كله صاح بصوت واحد، مليء بالغضب والوعيد.

صرخت "سلمى"، لكنها لم تسمع سوى صدى صراخها يغرق في الفراغ.
آخر ما رأته كان أضواءً خضراء قاتمة تلتف حولها، تسحبها إلى قاع مظلم لا نهاية له.

وفي الغابة المجاورة، أقسم السكان المحليون أنهم سمعوا تلك الليلة صراخ فتاةٍ يخترق السكون...
ومنذ ذلك اليوم، أصبح الكوخ أكثر ظلامًا، وأكثر جوعًا لكل من يقترب.


الخاتمة: كوخ لا يشبع أبداً

تداولت القرية قصص رعب قصيرة جديدة عن الكوخ.
البعض قال إنه مأوى للأرواح الغاضبة، وآخرون اعتقدوا أنه باب إلى عالم آخر.
لكن الجميع اتفق على شيء واحد:

لا تقترب من الكوخ،
ولا تحاول أبدًا فتح الصندوق الملعون.

وهكذا، أصبحت قصة مخيفة أخرى تضاف إلى سجل القصص المرعبة الحقيقية التي لا يجرؤ الكثيرون على تصديقها... أو الاقتراب منها.

تعليقات